حيـــــــــــــــــــــــ ـــــن ادمنتك
حِيْنَ أدمَنْتُكَ!
قَبْلَ الإدمان
كنتُ أتنفّسُ البراءةَ.. وأعانقُ الحلمَ..
على شفتيّ ابتسامةُ طفلةٍ مشاكسةٍ مدلّلة.. وفي نبضي يرقصُ عصفور الأمل.. وفي عينيَّ ينعكسُ بريقُ الرضا الوادع..
كانت أيّامي تعبقُ بشذى الحياةِ الهادئةِ المستكينة -متى أردتُ-والثائرة المحمّلة بسحر المغامرةِ ونشوةِ الصخب.. متى أردتُ أيضًا!
لم أكن أحلّق عاليًا، لكنّي كنتُ أسيرُ بخطًا وثّابة..
شتاءاتي باردةٌ، وصيفي ساخنٌ، ربيعي مغرّدٌ، وخريفي لا بأس به..
كنتُ أعيشُ الفصولَ كما هي.. وبريشة الشاعر الفنّان ألوّنها أحيانًا بما يروق لي؛ قانعةً بقسمتي.. راضيةً بإنجازاتي.. سعيدةً بنجاحاتي على كلّ الأصعدة..
فترة الإدمان
أدركتُ معنى أن أرتعشَ ويخفقَ قلبي مع أوّل جرعةِ إدمان.. شعرتُ بأنّي أطيرُ.. أحلّقُ.. أجوبُ المدى..
لم أكن أعيشُ على الأرضِ.. بل مع الغيماتِ؛ أحضنُ رقّتها.. أذوبُ بشاعريتِها.. أفهمُ غموضَها.. يبلّلني القطر فتزدادُ سعادتي.. وأبقى هناك في السماوات.. نشوانةً أقاومُ الصحو.. لا أريدُ أن أصحوَ؛ فالجرعات تترى.. تتركني في عالم اللاوعي فلا أُفيق!
أحسدُ نفسي.. وأترحّم على أهلِ الأرضِ.. أهلِ الواقعِ.. أهل الجفاف.. مسكينٌ من لم يحبّ! من لم يعش لذّةَ الإدمانِ هذه..! من لم يُعانق غيماتِ الخيال.. ويحتسِ المطرَ.. ويتذوّقِ الشهدَ المُصَفّى!
توّاقةٌ نفسي إلى المكوثِ والاستزادة.. والجرعاتُ تزدادُ وتزداد.. أحبَبْتَني حدّ الجنون.. وفوق التصوّر.. أعطيتني بلا حساب.. حتى أدمنتكَ.. وصار الفكاك منكَ مستحيلا!
وكمسيرةِ الكون، وكأيّ موجةٍ تعبرُ؛ تبدأ بتدرّجٍ، ثمّ تصلُ إلى القمّةِ، فتهبطُ هذه الموجة الصاعدة.. هبطتَ أنت..
بدأتْ جرعاتُكَ تقلّ، وبين الجرعةِ والأخرى أيام جفاف، وأحيانًا جفاء، وأحايين مشاكل تافهة.. وخفتَ بريقُ الحبّ.. ليزدادَ الوجعُ.. وينشئَ مساكنَه في قلبي!
التخلّص من الإدمان
لن يكونَ سهلا علاجي!
من أدمنتِ العيشَ في السماوات، لن تستطيعَ هبوطَ الأرض!
لكني.. سأتعالجُ منك..
أريدُ أن أعودَ كما كنتُ قبل أن أُدمنك؛ أضع رأسي على وسادتي وأنام خليّةً دون أن أفكر بك، أستيقظُ محبّة للكون، يملؤني السكون والاسترخاء.. يتمدّد الفرحُ أمامي.. ويتثاءب الوجع متواريًا..
أتوقُ إلى استعادةِ ملامح البراءة التي بدأت تتلاشى.. وأريجِ المرحِ الذي يتضوّع في كل بقعةٍ أحلّ بها..
اشتقتُ للملمةِ تفاصيلي التّافهة التي بدأتُ أفقدها بإدمانك!
فلأعشِ الشتاءَ شتاءً، والصيفَ صيفًا، وباقي الفصولِ كما هي.. ما الضيرُ في ذلك!!
لا أريدُ ربيعَك، لا أريدُ فصولَك، لا أريدُ شيئًا منك!!
وماذا أريدُ بعد أن أوقفتَ جرعاتِكَ فجأةً..
وَ
قَ
تَ
لْ
تَ
نِ
ي!!
كلمات راقت لقلبي كثيرا
احترامي....كاتمة حبها